|

لا تقتُلني..  

الكاتب : الحدث 2021-09-28 02:24:39

بقلم / حنان محمد الثويني

من المؤكد أن أغلب المُتدبرون للقرآن فهِموا قصة هابيل وقابيل وأن قابيل أول من سنّ قتل الإنسانِ للإنسان بإسم الظلم والحسد والغيره..!

إنه ل يهالُني ، أن الأخ قتل أخيه ثم ندِم وطفِق يُفتِشُ عن مكان على وجه الأرض يطمرُ فيه خطيئته ويطويها بين النسيان والخفاء دونما مكان ...ومن الذي عرف بجريمته و ورطتُهُ العظيمه ؟!
الغراب..!
رآه يحمل أخيه على ظهره وهائِمٌ على وجهه مسبوغٌ بنظرات اللوعة والحزن وتأنيب الضمير الذي قضم قلبه... فحفر حُفرةً في الأرض و وارى غُراباً ميتاً أراد بذلك أن يُلقنه درساً في إحترام الموتى وإكراماً لإنسانيتهم وحُرُمةً مجللةً لأجسادهم..

لقد أضحى الغراب أرجح عقلاً من الإنسان، وأبقى على أواصر الإجلال والأخوة منه..!

في عالمنا الذي من المُفترض أن تعمرهُ البشريه وتخشى عليه من تداعيات الحقد والغيره ،تترسخ فيه مفاهيم وإعتقادات وأهدافٌ مقيته ، إذ يقتل الإنسان مثيله الإنسان:
- للونه 
- عرقه
- ديانته
- مذهبيته
- جنسيته
- ثرواته                                                            

 تحقيقاً وتمجيداً إما لنبوءات دينيه مكذوبه أو لأخبارٍ ذكرتها صفحات الكُتب المُغبِره تُنبىء عن إنتصارات قادمةٌ تُسرِع كلما أسرع الإنسان في إهراقة الدماء وقارف معها أساليب التوحش والتعذيب العاتي،وجار وبطش وسفك وحرق وهدم ، وإما لمخططات ومكائد سياسيه تُخفي وراءها ما تُخفي من الدهاء والدسائس..                                 

ل كم يؤسفني أن أشهد عذاب هذا العالم البشري ولا أجد فيه من يقول : 
كُلُ أمرٍ قديتحقق بالحب،بالتهادي،بالرِفقِ واللين،إلا سفك الدم والهدم والكبريت والنار..!

قال الله (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا )
وقال(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) 
وقال (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)

حرّم الله القتل وعممه على البشريه ولم يُبِح قتل الإنسان بأي شكلٍ ولا لون ولا مذهب ولا عِرق ولا ديانه ولا جنسيه ولا ذا ثروةٍ ولا حسبٍ ولانسب..
إلا في حالةٍ واحده وهي القصاص
تكفيراً للقاتل على ظُلمه لغيره وإستتباباً للأمن والأمان..


ما ألطفه وأرحمه مِن إله..


لكن البشرالمهووسون برؤية الأجساد وهي تُنازِع وتنطفىِء منها الحياة يقولون وعلى إختلاف أديانهم وطوائفهم : أن الرب يأمرهم بإطلاق نوازعهم الوحشية الشريره، والظلم المُطلق وبه سيكون نصرهم وخلاصهم، ونيل الثروات والنساءِ والجِنان!!!

للقاتل أقول:
أتبسط يديك لتغتال إنسان ظُلماًومقتاً وحسدا  !!
وتقتلعه من أرضه وحياته وأُسرته وبيته وتنزع منه غطاءه وطمئنينته وأمنه وأمانه وعيشه ورزقه ،، وترُمِّل صاحِبته وتُيتم صِغاره وتحرق محاصيله وتُعذب قلبه وتُمثِّلَ بجسده ، وتُهين كرامته وتُفرِّق شمله وتُشِلّ حياته وتُعطِل شؤونه لإنه لا يُعجبك :
لونه ، جنسيته، مذهبه، دينه،عِرقه
أو تطمع في نعيمه وثروته وترى أنك أحقّ منه بما هو فيه ، وكُله من الله وليس مِنه..!

أين الوعي والإدراك والإيمان والمبادىء  والأخلاق والإنسانية وعيش الأمان المُتبادل الذي أمرت به الأديان .. أوَ أنها هرطقة لاتُجدي نفعاً أمام الحسد والمُعتقدات والمفاهيم العرقية الدينية المذهبية والسياسية السخيفه التي لا تثير إلا الميول الإجرامية في تكوينك البشري المُنحرف ..!

يالا أساك ياقلبي ..!

للقاتل أقول :
-أليست الدماء التي سالت من أعناق الأسرى واللاجِؤن،والنساء التائهات والأطفال الباكون،بكافيةً لِتُخمِد براكين الغِل في قلبك ؟!!
-أ تغُطُ في نومك دونما عذاب!!
-أ ينبض قلبك بحُب والدين وإمرأة وأطفال ؟!
-أ يتذوق قلُبك للحياة لونٌ ومعنى؟

بهكذا قتله ..أمسى لدى الدنيا الكثير من هابيل والكثير من قابيل و الفرق بين قتلة العالم الذي نعيشه وبين هابيل وقابيل أنهم لايندمون كما ندم قابيل وطاف يلتهِمُ سطح الأرض يُجر خطوات الحسرة على أخيه ....